المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : تقسيم الإسلام : الشيعة والسنة : أين الإسلام ؟



ناصر مهدى
2006/12/5, 3:46 PM
في البدء نقر ونثبت أن الدين لله وأن الخلاف في المعتقد ليس بأزمة ولكن الأزمة تكمن فيمن يدعي أنه علي الحق المطلق وغيره علي الباطل المطلق , هذه هي الأزمة الأساسية في حقيقة الأمر والتي تكمن فيمن يدعي إمتلاك الحقيقة المطلقة والحق المطلق , في حين أن الحقيقة المطلقة ليست لها إلا وجه واحد وهذا الوجه يمتلكه المطلق الأعلي والمقدس الأعلي في السماء والجميع يسعي إلي إلتماس الحقيقة المطلقة وهو علي يقين أنه لن ينالها لتحقيقها في أرض الواقع , وذلك لأن السماء تمثل الحقيقة المطلقة أو المثالية العلية , وعالم الأرض يمثل الحقيقة النسبية , والواقعية العليا , ومابين المثالية العليا والواقعية العليا تتولد الأزمات في الفهم والوعي والإدراك لتلك الحقائق المستمدة من عالم السماء لإجراء تطبيقاتها في عالم الأرض , والكل يدعي أنه هو صاحب الرؤيا الصادقة الفاعلة في تغيير حياة الناس من بداية معتقدهم الديني حتي العادات والتقاليد والأعراف وجعلها علي هدي من سنن السماء ذات المثالية المطلقة وتغييرها في عالم البشر صاحب الواقعية المطلقة , مع ملاحظة أن عالم البشر الواقعي يمثل المدنس أما عالم السماء المثالي فإنه يمثل المثالية وهو المقدس .
والأزمة تتأتي من الكيفية والطريقة والأسلوب أو المنهج أو المذهب الذي يتوجب علي الناس إتباعه لتطبيق المقدس علي المدنس حتي يتطهر ويأخذ صفات أو بعض من صفات المقدس .
والأزمة أو المشكلة تكمن في العقلية التي تعتقد انها تستطيع أن تلبس المقدس كاملاً علي جسد المدنس ومن ثم يصبح المدنس مقدس , وهذا لن يكون !!
لماذا لن يكون ذلك ؟
لأن المقدس السماوي مطلق والمدنس الأرضي نسبي , بما يحمله من حقائق النسبية وما تحمله من نقص وقصور في جوانب لدي البعض من الناس وكمال لدي البعض الآخر , وذلك في العقيدة والدين والفكر والتصور والثقافة والفن السياسة والجمال والقبح , والحق والعدل , والخير والشر , والكمال والنقصان , والصدق والكذب , وغير ذلك يمكن القياس عليه كثير من القيم العليا أو القيم الدنيا في عالم البشر النسبي المقيد , وعالم السماء المثالي المطلق اللامحدود !!
وهذا التصور يمكن أن ننطلق منه إلي آفاق المذاهب الدينية وخاصة الأزمة القائمة والمستمرة بين من سموا أنفسه بالسنة , وبين من سموا أنفسهم بالشيعة في العالم الإسلامي وكل مذهب من هذين المذهبين يدعي أنه علي الحقيقة المطلقة وأن معه الحق المطلق في العقيدة والشريعة والدين بمجمله ومحتواه ومن هنا نشأت الصراعات الدموية بين المسلمين من باب الحقيقة المطلقة والحق المطلق ومن الأحق بإمتلاكهما .
في حين أننا لوجردنا السنة والشيعة مما يعتقدان فيه من مسائل وأمور كلها خلافية وليست أمور إتفاقية لاتضر ولاتنفع في أصول الأديان والعقائد لكانت العودة الحميدة لنبع الإسلام الأول , ومن هنا يمكن أن يقول المنتسبين للمذهب السني والمذهب الشيعي : لاسنة , ولاشيعة , بل مسلمون أولاً !!
وهذا من السهل بمكان أن يتفق عليه المنتسبين للمذهبين السني والشيعي ولكن الأغراض والأهواء بين الطرفين قائمة ومشتعله منذ القدم , فأحداث التاريخ الإسلامي أحداث كتبت بمداد من دماء علي صفحات التاريخ الإسلامي بين ابناء المذهبين السني والشيعي علي فترات طويلة ومتوالية من التاريخ والذي يسميها المحرفين للتاريخ الإسلامي أحداث الفتنة , وعلي إثر ذلك يتقولوا بأن الفتنة نائمة لعن الله من أيقظها , مع أن الفتنة لم تنام مادام هناك تورية وتغطية علي الأحداث السوداء في التاريخ الإسلامي التي يخشي البعض من الخوض فيها لأنها تطول البعض من الخلفاء الراشدين والعديد من صحابة رسول الله صلي الله عليه وسلم وتطول من هم مبشرون بالجنة ومن هم من كاتبي الوحي والرسالة ومن هم من بني هاشم ومنهم من بني أمية وبني العباس !!
الخوف والرعب يمتلك أدعياء الحفاظ علي الدين , وأدعياء الخوف عليه كأن الدين قد نزل من السماء لهم وحدهم وأنهم من حقهم وحدهم كذلك إرشاد الناس إلي من يتحدثون عنه ومن لايتحدثون عنه , وفي حقيقة الأمر هذه وصاية مزيفة لأن كتب التاريخ موجودة ومتداولة بين أيدي الجميع !!
الأزمة تولدت من البحث عن الحكم والسلطة ,و كانت السياسة والملك من وراء القصد ولم يكن الدين من وراء القصد في الأساس الأول ولكن كانت المصلحة والسياسة والملك .
وفي الحقيقة أن الشيعة كان لهم الحق في العديد من المواقف التي إتخذوها حيال المذابح والعداوات التاريخية التي وقعت عليهم من جانب السنة والذين كان لهم مواقف سوداوية أثرت علي الفكر الشيعي والتصور الشيعي للسنة ناهيك عن المواقف الدموية التي جعلت مايشبه الثأر الديني بين السنة والشيعة قائماً دون إنقطاع في التاريخ القديم فقد تم تكفير الشيعة ولعنهم وإستباحة دمائهم علي منابر مساجد السنة في طول البلاد وعرضها , وكان السنة يريدون الهيمنة علي الأقطار والأمصار التي بها نسب عالية من الشيعة لسيادة المذهب السني وإحتكار الحكم والسلطة الدينية من جانب السنة .
بل وحتي العصر الراهن بكل تداعياته ومراراته المتوالية والمستمرة علي المسلمين شيعة وسنة .
ففي الحرب العراقية الإيرانية والتي إستمرت مايزيد علي ثماني سنوات كان السنة لهم مواقف مخزية ومزرية ضد الشيعة في إيران والدول العربية السنية ساعدت نظام صدام حسين بإيعاز أمريكي غربي علي إطالة أمد الحرب وإستمراريتها لإنهاك إيران وإضعاف قوتها علي سبب من أسانيد واهية وهو مخافة تصدير الثورة الإسلامية من إيران إلي الي الدول العربية التي سوف تتسيد المنطقة العربية وقامت مصر والسعودية اللتين كانتا لهما الدور الرائد في إطالة زمن هذه الحرب والتي قال عنها هنري كيسنجر : نحن علينا أن نصنع الأزمات وليس من مهمتنا أن نوقفها !!
وفي الأزمة اللبنانية يظهر التعصب السني في الحرب الإسرائيلية اللبنانية من جانب الدول العربية أيضاً والتي تدعي إنتسابها للمذهب السني لدرجة أن مفتي الديار السعودية والسلفيين الوهابيين قالوا بكفر حسن نصر الله وكفر من يشاركه في الحرب علي خلفية أنه شيعي وأن الشيعة هم الرافضة الكفار ويحرم من ثم مد يد العون والمساعدة لهم في الحرب اللبنانية السادسة مع إسرائيل بل وكان الدعاء علي المنابرمن أئمة المذهب السني بالهلاك والدمار للشيعة , وكان دعائهم اللهم اهلك الظالمين بالظالمين وأخرجنا من بينهم سالمين , أليسوا هؤلاء هم السنة ؟
فمن يمتلك الحقيقة المطلقة ؟
إن خلط أوراق العقائد الدينية خاصة بين أبناء الدين الواحد لهو المصيبة العظمي المضيعة لكلا الطرفين وأن الإدعاء بأنني علي الصواب والآخر علي الباطل لهو المهلكة , وإن الإدعاء بأنني أختصصت بالجنة وحدي والآخر مصيره جهنم خالداً فيها لهو من السفه الديني والعقلي !!
ماهو الفرق بين السنة والشيعة ؟!
إذا كان السنة والشيعة يؤمنون بأركان الإسلام الخمسة من شهادة أن لإله إلا الله وأن محمد رسول الله , وإقام الصلاة , وإيتاء الزكاة , وصوم رمضان , حج البيت , وإذا كانت صلاتهم واحدة وصيامهم واحد , وزكواتهم وصدقاتهم واحدة , ومناسك حجهم واحدة , وفي الأساس العقيدة واحدة والعبادات واحدة , وإذا كان الغلاة في الدين منهم من ينتسب للسنة ومنهم من ينتسب للشيعة فهل الغلاة هم الذين يقودون السنة والشيعة؟
إذا كان من يعيب علي الشيعة مفهوم الإمامة , فهناك في السنة مفهوم الخلافة , وإذاكان في الشيعة من يكفرون المسلمين فإن في السنة من يكفرون المسلمين , وإذا كان في الشيعة غلاة, فإن في السنة غلاة ويعبدون غير الله.
فإذا كان الشيعة والسنة في الأساس مسلمين ومتفقون علي أساس الدين وعقيدتة , وإذا كان الخلاف في الفرعيات وليس في الأصول والعقيدة فلماذا الفرقة ولماذا الخلاف ؟
ثم في الأساس ماذا يعني أن أكون شيعياً ؟
وماذا يعني أن أكون سنياً ؟
بل وماذا يعني أن أكون مسلماً ؟
هل من قال : أنا لا سني , ولاشيعي , بل أنا مسلم , ومسلم فقط , وأنا لا أنتمي لا للشيعة ولا للسنة , بل أنتمي للإسلام فقط يتم تكفيره من السنة والشيعة ؟
وفي النهاية أنا لاشيعي ولاسني !!
أنا مسلم فقط !!
إنا إنساني النزعة , إنساني الفكر والثقافة والعلم والحضارة , أؤمن بأن الله لم يسلم مفاتيح جنته أو مفاتيح ناره لأحد من الناس , ولا من أحد من أنبياؤه أو مرسليه .
فلماذا الشيعي ؟
ولماذا السني ؟
وأين الإسلام ؟
هل من إجابة شافية ؟!!!!
على فكره منقول للفائده