المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : من اسمك يحدد هل تقتل ام لا ؟؟؟؟؟؟؟



خالد جنين
2006/12/8, 10:46 PM
عندما عاين سيارة (الأوبل) السوداء تتجه نَحوه في مساءٍ ليس ببعيد، أدركَ عُمَر فاروق على الفور أنّه سيواجه بعدَ قليل أسوأ مخاوفه، وقد تكون هذه ليلته الأخيرة في الحياة.
لقد تمّت مطاردة طالب المدرسة الثانوية هذا من قِبَل مُسلَّحين في السيارة ذاتها مَرّتين في ذلكَ الأسبوع وَحدَه. في المناسبتين كانَ عُمَر في سيارتهِ الخاصة حيث تمكَّنَ مِنَ الهَرَب، أمّا الآن فهو يمشي في شارعٍ ضيقٍ نحوَ منزلهِ في حيٍّ من أحياء الطبقة المتوسطة في بغداد. وهكذا كانَ ابن الـ16 عاماً عاجزاً عن فعلِ أي شيء. "لقد تمكنوا منّي... إمّا أنهم سيأخذونني، أو يطلقون النار عليَّ إن حاولت الفرار،" هذا ما قالهُ لنفسِهِ. توقَّفت سيارةُ (الأوبل)، قبل أن تتوقف كان بابها الخلفي مفتوحاً قليلاً، أحد الركاب أشار بمسدسه إليه. اقتربَ آخر، وجَرَّ عمر من ياقته. لقد فَحَطَت إطارات السيّارة بأرضية الشارع بعنف وهي تُغادر المكان بعد أن أخذت عمر الذي تحوَّل إلى كومة ترقد على أرض السيّارة.

بدأ الرَّجلان في المقعد الخلفي يركلانه بأقدامهم ويضربانه بمسدساتهما قائلين له "اعترف" بأنكَ سنيّ، طالبين منه أن يبوح باسمه
منذ أشهر سَمِعَ عُمَر بقصصٍ عن رِجال وأولاد سنّة خُطِفوا، وعُذِّبوا، وقُتِلوا من قِبل فرق الموت الشيعية. ولأنَّ عُمَر اسم سُنّيّ صِرف، ادعي بأنَّه شيعيّ واسمه "حيدر".

لكن خاطفيه لم يكونوا يعرفون اسمه الحقيقيّ فحسب، بل يعرفون اسم والده فاروق. هم يعرفون أيضاً أن اسمه جاء نسبة لاسم والده، وهو أمر شائع عند المسلمين. واصل ركّاب السيارة القول: "عمر، ابن فاروق، هذا اسم الأشرار." ولمده ساعتين مقبلتين، تحمَّلَ الضرب المستمر بينما السيارة تسير في أنحاء الحيّ.

فجأة أدركَ عُمر أن القتل قد لا يكون مصيره في هذه الليلة عندما واجهت السيارة حاجز تفتيش يضم القوات الأمريكية. وبدلاً من المُخاطَرة باكتشافهم من قِبَل الأمريكان، فتح مُعتَقِلوه الباب، وقذفوا به إلى الشارع مع التهديد التالي: "ربما نجوت الآن يا عمر، لكن مع هذا الاسم الذي تحمله، لن تَبقَ حيّاً على الإطلاق."

هذا مؤشّر على خطورة الحياة اليومية في بغداد هذه الأيام، حيث إن أبسط المعلومات في هويتك يمكن أن تقودكَ إلى الموت. بالنسبة للمقاتلين في هذه الحرب الأهلية ـ التي تغلي الآن بمعدلات منخفضة ـ بعدما نشبت ثانيةً في العاصمة إثر مقتَل العشرات من السُنّة خلال الأيام القليلة الماضية، فإنَّ تحديد العدو يُعتبر صعباً للغاية.

يتقاسم الشيعة والسنّة عِرقاً مشتركاً، وهم متشابهون في السحنة والشكل مما يصعب التمييز بينهم، وعليه فإنِّ القتلة يلجؤون إلى عملية تدقيق فجّة ووحشية للغاية، هي باختصار: اختيار الضحايا استنادا إلى الاسم الذي أصبح للكثير من العراقيين السمة المُمَيَّزة لكشف الانتماء الدينيّ.

قالَ أكثر من عشرة أشخاص يحملون أسماء "عُمَر"، قمت بمقابلتهم، إنهم عندما يُقدِّمون بطاقات هوية تحمل أسماءهم، فإنهم عادةً ما يتعرضون لإساءات الشرطة والمسؤولين الحكوميين الشيعة. آخرون واجهوا مصيراً أكثر شناعةً. في حادثٍ واحد جرى في وقت سابق من هذا العام، عُثِرَ على جثث 14 شخصاً يحملونَ اسم عُمَر في مكَبٍ للقمامة ببغداد. لقد قُتِلوا جميعاً برصاصةٍ واحدةٍ في الرأس، وقد وُضِعَت بطاقات هوياتهم بعناية على صدورهم، وبعضهم بين أصابع يده. يقول صالح المطلق، وهو سياسي سنيّ بارز، إن عُمَر "أصبح أخطر اسم في العراق."

ولأنَّ امتلاك الهوية الخطأ يمكن أن يؤدي إلى الهلاك، فإن أكثر البغداديين اتخذوا خطوات لاعتماد هويات جديدة مُزوَّرة. سوق تزوير الهويات أصبحت رائجة. منذ بداية هذه السنة تضاعف سعر الهوية المُزوَّرة إلى 100 دولار للواحدة. في الحقيقة أن هويات البطاقة
الشخصية العراقية بدائية، فالبيانات مكتوبة بخط اليد على ورق سُرعان ما يبلى. بإمكان المزورين أن يُنتِجوا العشرات من هذه البطاقات يومياً. وهذه مُجرَّد واحدة من التقنيات القائمة لأولئك الذين يقفون في خط النار، أو باتوا هدفاً للقتل.

هناك مواقع على الإنترنت تقدِّم نصائح مُفصَّلة حول كيف يمكن للسنّة أن يُقدِّموا أنفسهم على أنهم شيعة ـ مثلاً كيفية الصلاة في الأماكن العامة (هناك فوارق بين الشيعة والسنّة في الصلاة)، أو كيفيه اكتساب اللهجة العراقية الجنوبية (غالبية الجنوبيين هم شيعة). ينصح الموقع السُنّة أن يحفظوا عن ظهر قلب أسماء الأئمة الشيعة الاثني عشرية - وقد تم تهيئة كُتيب صغير ـ استعداداً للاستجواب من قبل الشرطة. وهو يحذر من استخدام الأناشيد الخاصة بالمجاهدين كنغمة جرس الهواتف الخلوية، وهي ممارسة باتت شائعة في أوساط المتعاطفين مع التمرد السني. هناك أيضا نصائح مفيدة عن كيفية ومكان الحصول على بطاقات الهوية المزوَّرة.

لكن العراقيين يعلمون أن ذلك قد لا يكون كافيا لحمايتهم. في الأيام التالية للتجربة المرعبة التي مرَّ بها عُمَر فاروق، حازت عائلته بسرعة على هويات مزوَّرة لجميع أبنائها.

طلب حماية الشرطة لم يكن على الإطلاق خيارا معقولاً للسُنّة، فالعديد من أفراد الشرطة في الحي هم من الأعضاء السابقين في جيش المهدي، الميليشيا الشيعية العنيفة الموالية لرجل الدين مقتدى الصدر. لا تشعر الأسرة على الإطلاق أنها يمكن أن تلجأ إلى مناطق الجوار لتقديم أيّ شكوى. لقد ساءت العلاقات بين الشيعة والسُنّة في الأحياء المُختلطة منذ 22 فبراير الماضي عندما تم تفجير مسجد للشيعة في سامراء. لقد توقف عمر عن الحديث مع الشيعة الذين كانوا زملاءً له بفريق لكرة القدم.

بل إن الأسرة نفسها حبست نفسها داخل المنزل، وفرضت مراقبة على البوابة الأمامية للدار على مدار الساعة. عندما عادت سيارة الأوبل السوداء في مساء أحد الأيام إلى الحيّ، قام محمد، الأخ الأكبر لعُمَر، بمطاردتها مطلقاً عيارات نارية من سلاحه الكلاشينكوف في الهواء.

لم تَعد السيارة أبداً، لكن العائلة رأت أن هذا التحذير كان كافياً. لقد فرَّ عُمَر ووالدته إلى الأردن. قال عمر قبيل مغادرته أنه قد لا يعود إلى وطنه أبداً. "إني أجبَر على الخروج بسبب اسمي..." هذا ما قاله قبل أن يتهدَّجَ صوته وهو على وشك البكاء. الحقيقة المُحزنة أنه بالنسبة لعُمَر، وعدد لا حصر له على شاكلته، فالسبيل الأكيد الوحيد للبقاء على قيد الحياة في العراق هو مغادرته.
منقووول للتنبيه لما يجرى فى العراق من تشييع وانتهاك لاعراض المسلمين من قبل الشيعه {اللهم انتقم منهم وخذهم اخذ عزيز منتقم}

الشهيد
2006/12/9, 9:04 AM
مشكو اخى خالد على الموضوع الجميل
اخوك الشهيد