المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : ارتباك الإخوان



kamel
2011/7/6, 6:01 PM
لم أفهم الدكتور محمد المرسي.
هل قال فعلا إن من يطالبون بتأجيل الانتخابات يريدون تحقيق مصالح الصهيونية والأمريكان؟
أتمنى فعلا أن لا يكون الكلام دقيقا، لأن كلام رئيس حزب «الحرية والعدالة» لا يعني سوى شيء واحد فقط: الإخوان يريدون العودة إلى عصر ما قبل الثورة… يريدون إلغاء السياسة كما فعل مبارك وكل الحكام الجنرالات.
كلام الدكتور المرسي يؤكد أن الجماعة تعيش دوخة كبيرة.. تتصور فيها أنه «قد آن أوانها…»، وهذا يصيبهم بالارتباك والرعب.
خرجت «الجماعة» من النفق، ولم تعد في حاجة إلى سرية منحتها سحرا بطول عمرها، لم تشغل بالها بالتفاصيل الصغيرة، ورتبت كل استعراضات القوة بعد سنوات «التقية» الطويلة، أقامت احتفالات كبيرة بافتتاح مقر ضخم على هضبة المقطم، إعلان وجود يحجز مساحة للمضطهدين.
لا تعيش الجماعة دون سيرة الاضطهاد وسحره، ولخصت الثورة في مكاسب أرادتها بقوة الضحية.
وبينما كانت الجماعة تعيد صناعة خرافة كيان الضحية الكبير، وتعتبره سلاحها الفتاك، رد السلاح إليها، وأصبحت الجماعة هدف القوة الجديدة، ومصدر رعب جمهور البيوت.
هكذا أضيفت الجماعة بسهولة إلى قائمة الأساطير التي تفقد بريقها بعد الثورة.
لم تعد هي نفسها الجماعة المضطهَدة، لكنها الآن الجماعة التي تريد الاستفادة من تاريخ صراعها مع السلطة والهوس بفكرة السمع والطاعة… عندما اصطدمت القيادات العجوزة بشريحة مدنية تريد التعدد وترفض السمع والطاعة.
قناع «التقية» سقط مع عنفوان واستعلاء، لم يعبر عن قوة وثقة، لكنه كشف عن هشاشة، وعدم اتزان في لحظة الخروج من تحت الأرض.
لم تنقذ الجماعة رحلات الالتصاق بالسلطة التي بدأت من الاتصال سرا بعمر سليمان والاتفاق على: الشرعية مقابل الخروج من الميدان.
وعندما بحث الجيش عن «قوى منظمة» سارعت الجماعة، والتصقت بالسلطة، لتبدو كأنها جناح شعبي للمؤسسة العسكرية، وقفزت بالدهاء السياسي إلى مواقع في لجنة إعداد الدستور، لتحدث خدعة تربك مصر كلها الآن وتضعها في دائرة الاستقطاب بين ثنائية: الدستور أولا أم الانتخابات أولا؟
ألعاب تصلح مع الجمهوريات المستبدة وصفقات تحت الطاولة، وهذا ما أثار فزع قوى جديدة اكتشفت نفسها في ميدان التحرير.
نسي القلب العجوز للجماعة لحظة الميدان، وتعامل بعنجهية ديناصور في طريقه إلى الانقراض، ولا يسمع صرخات النهاية، وتصور أن الطريق إلى الحكم مفروش بالخرافات القديمة.
ولأن السياسة طوال 60 سنة هي صراع مع الخرافات الكبرى والأقدار، دفعت الهواجس الحركة السياسية كلها إلى إعلان الحرب على الجماعة، متخيلة أنها الخطر القادم.

الحرب الآن من الجميع على التنظيم الذي أنشأه 1928 مدرس تقليدي على ضفاف القنال اسمه حسن البنا.
لم يحلم المرشد الأول بحكم مصر، لكنه وضع بذرة حلم رومانتيكي بدولة تعيد مجد دولة الخلفاء الراشدين... دولة تحكم بالقرآن... وتسير على كتالوج سنة النبي محمد.
رومانتيكا داعبت المشاعر المهزومة من الاحتلال.
وأدخلت معها العشرات والمئات.. في أخطر لعبة تدفع مصر فاتورتها حتى الآن.. لعبة خلط الدين بالسياسة.
لم يكن الإخوان رجال مؤسسة دينية يحكمون باسم قداسة السماء.. ويحملون صكوك الغفران.. لكنهم استمدوا جاذبيتهم من كونهم على الهامش.. في المعارضة.. بعيدا عن السلطة.
وهي جاذبية كادت تنتهي حين أرادوا اقتسام السلطة مع الضباط الأحرار في 1952 لتكون هذه هي الشرارة الأولى لحرب بين السلطة والإخوان مستمرة حتى الآن.
هذه الحرب هي سر جاذبية الإخوان قبل 25 يناير وبعد ظهور لاعبين أكثر تطرفا في الغرام بلعبة الدين والسياسة.
المدهش أن الإخوان يبدون الآن الوجه الآخر للسلطة.. وليس أمامهم الآن سوى المزيد من التطرف للتمايز بين الحركات الإسلامية (الصوفيين والجهاديين والسلفيين) أو التحالف مع قوى مدنية تحررهم من فكرة وكلاء الدولة الدينية في مصر