Sherif Eldaly
2008/8/10, 11:04 PM
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
انطفأ السراج
استولت على الغرفة أمواج الهدوء
المكان ينصت إلى كل همسة
كل أطراف الغرفة كاتمة أنفاسها بشدة
وكأن كل شيء هنا يترقب حدوث أمر ما
**
قلمي يفلت من يدي وكأنه يحاول أن يركز في متابعة شيء ما سيحصل
الظلام يخفي آثار أصدقائه من حروفي المبعثرة
الكرسي يحاول أن ينسل من تحتي برفق وتمرد
الكتاب يتململ .. يحرك أطراف أوراقه المتضايقة ..بفعل أنفاس صدري المتهدج
**
شعرت بتغير غير طبيعي
أحسست برعشة مستمرة
بردت أطراف أصابعي
فسرى الجمود إلى بقية أطرافي
**
تعاقبت نظراتي في البحث عن الحقيقة
ولكنها تصطدم ببعضها من هول المكان
وشدة العتمة
**
فجأة
أصابني داء التهور المزمن في قلبي
عزمت على التضحية
قررت أن أضع للسكون أجراسا
تحركت بصعوبة
أطرافي لازالت متجمدة
أخذت نفسا وكأني أجر عربة
فالنسمات لا تريد أن تنقاد خوفا أن يصدر منها صوت
إتكأت على مكتبي
قاومت العجز واستجمعت قواي في النهوض
أصدرت صوت تنهيدة سريعة قوية
وكأني تخلصت من ثقل ما كان على ظهري
مددت يدي إلى المصباح في " الأبجورة " التي باتت مغمضة عينها لتحجب عني النور
أحسست لكثرة ما أدرتها أنها قد أصيبت بالعمى
أكثرت الضغط على " زر" التشغيل .. وحركت " السلك " بقوة ..
ولكن
لا فائدة
**
نظرت إلى اتجاه النافذة بعين الانتصار رغم أني لا أراها
ففبها قد يكون الحل الأمثل
اتجهت إليها وأنا أتوخى الحذر في كل خطوة ..
أتحسس بيدي يمنة ويسرة
أمدها أمامي بشكل مهتز وكأني أبحث داخل شيء مظلم عن شيء صغير
**
وصلت إلى الجدار
وأمسكته بكلتا يدي وألصقت جسدي به
مشيت وأنا أحتك به خشية أن أفقد الطريق
انزلقت يدي على شيء أملس
هو زجاج النافذة
توقفت وكأني سأعلن خبرا ما
فتحته بكل ثقة وهدوء
تسربت إلى الداخل ذرات ضوء خائفة
وكأنها تستنجد وتستجير
لا أدري ماذا يحدث
شيء ما أصبح يهمس في أذني بصوت ناعم
من تكون
إنها النسمات التي اعتدت أن أناغيها منذ طفولتي
يا لراحة بالي
لست وحيدا فرفيقة عمري تداعب أطراف شعري
وتعبث بقميصي
وتباري أجفاني وتصارعها
أيتها النسمات
ألن تستكيني وتستريحي من عناء الأسفار والتجوال ؟
ألن تخلدي للنوم يوما ؟
**
أيها المسكين .!
ألن تكف عن هذه التساؤلات ؟
إنني يا صديقي أشعر بالارتياح حين أجري في كل واد
متعتي في السفر والتجوال
ولدي من ذلك رصيد وافر من الحكايا والقصص
اسمح لي أن أسألك أيها العزيز
ما الذي أخرجك في هذه الساعة المتأخرة؟!
ما عهدتك تخرج في مثل هذا الوقت إلا لتطلق زفرات
وتوزع آهات
إنني أراك وأنت تطفئ نيران قلبك بدموع عينك
قل لي
هل عادت تلك الهموم
تلجلج براكينها في صدرك الحزين؟!
**
آآهـ
أيتها النسائم الطيبة
الأمر ليس كما تظنين
ألا ترين أن دموعي لم تخرج لتراك هذه الليلة
إنكما لا تجتمعان إلا مع هموم أمتي
أعرف ذلك جيدا
فلقد شعرت في كلامك بالاستغراب من تغيب دموعي مع أن الهم موجود
ولكني لم أخرج هذه الليلة لذلك
تفقدي أيتها النسمة غرفتي
ألا ترين أن بها شيئا يشبه الضجر
لقد كنت عاكفا على كشف شيء من الحقيقة التي توصلت إليها مؤخرا
ولكن كل شيء من حولي اعترض واحتج
فامتلأ المكان بالاستنكار والغضب
أطفئت الأنوار واهتزت الأوراق وجف القلم
وخيم الوجوم
**
لعلك قلت منكرا من القول وزورا أيها الطيب ؟!
**
أي منكر وزور تتحدثين عنه؟
أمنكر هذه الدنيا وزورها واختلال القوانين التي سنها الله لنا ليعم الخير والنعيم
أم زور هؤلاء الناس الذين حرفوا كل شيء وبدلوه عن مساره
**
لقد أعياك الأرق يا صديقي
ما بالك؟
**
لعل تجوالك وكثرة أسفارك لم تنجح في إنارة الطريق لك يا عزيزتي
**
يجب أن تخبرني عما يدور ببالك قبل بزوغ الفجر
فإنني لا أحتمل حرارة الشمس في هذه الأيام
**
نعم
لعلك تضيفين هذا إلى كنز معلوماتك الثمين
أنصتي أيتها الغالية:
كنت أفكر دائما ما الذي سيجنيه تعبي ونصبي في هذه الدنيا
وما الذي سأناله من اجتهادي للتحصيل فيها
بل وتوقفت كثيرا عند ما أسميه تماشيا مع المجتمع
( المستقبل )
وأمعنت النظر في قوانين هذه الحياة التي تعلمتها
وقوانين الحياة التي تفرضها الحياة
فوجدت أنني لازلت جاهلا بهذه الحياة
وكنت أحسب أنني نلت أرفع الدرجات بل وفي طريقي لأصل للقمة
ولكن هيهات هيهات
كل هذا تفتت على صخرة الحقيقة التي وصلت إليها في هذه الليلة
الحقيقة المرة التي لم تقدر جدران غرفتي ومصابيحها وأخشابها وكل أثاثها على تجرعها
**
لقد اشتقت كثيرا لمعرفتها
**
وأنا أشتاق كثيرا لأن يأتي يوم تكون فيه هذه الحقيقة
جرما يعاقب عليه القانون
**
أرجوك فبوادر اليأس بدت تخالجني
**
لقد تعلمت أن " الحق فوق القوة "
لقد آمنت بأن القوة للحق
وليس الحق للقوة
ولكني حينما أنظر لحال أمتي وأن القوة هي التي تسيطر على أرجائها
مع أن الحق في قلبها
صرخت أمتي بأعلى صوتها أن الحق معي
أتت بالأدلة والبراهين
رفعت ذلك لأعلى محكمة
لكنها لم تجد حقا يقهر القوة
بل وجدت قوة تقهر الحق
وتعلمت أن " الأخلاق أساس النجاح "
ففهمت ذلك وتربيت عليه
ولكني حينما أقلب واقع أمتي
أجد أن الذين لا خلاق لهم
هم في أعلى المراتب والمناصب
والذين يشهد الكل باستقامتهم وطهرهم
تحت
على العتبة
وتعلمت أن " العلم خير من المال "
فالعلم يحرسني وأنا أحرس المال
والحياة تقول أن المال خير من العلم
فالعلم لا ينال إلا بالمال
وأصحاب الأموال الجاهلين تمنحهم الحياة كل ما تمنوا حتى الجاه
والعلماء الفقراء محرومون من كل شيء
هذه قوانين الحياة التي تفرضها الحياة
فهي خداعة
ونحن المخدوعون
**
نظرت إلى النسائم فإذا هي غارقة في التفكير
سرحت وحدقت في نصف القمر الذي صافح الأفق ليغيب
تركتها واجمة
فإحساسي يقول أنها لم تتقبل ما أقول
عدت أدراجي لغرفتي
استقبلت القبلة
قلت " الله أكبر "
فنسيت الدنيا
مـنـقـول
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
انطفأ السراج
استولت على الغرفة أمواج الهدوء
المكان ينصت إلى كل همسة
كل أطراف الغرفة كاتمة أنفاسها بشدة
وكأن كل شيء هنا يترقب حدوث أمر ما
**
قلمي يفلت من يدي وكأنه يحاول أن يركز في متابعة شيء ما سيحصل
الظلام يخفي آثار أصدقائه من حروفي المبعثرة
الكرسي يحاول أن ينسل من تحتي برفق وتمرد
الكتاب يتململ .. يحرك أطراف أوراقه المتضايقة ..بفعل أنفاس صدري المتهدج
**
شعرت بتغير غير طبيعي
أحسست برعشة مستمرة
بردت أطراف أصابعي
فسرى الجمود إلى بقية أطرافي
**
تعاقبت نظراتي في البحث عن الحقيقة
ولكنها تصطدم ببعضها من هول المكان
وشدة العتمة
**
فجأة
أصابني داء التهور المزمن في قلبي
عزمت على التضحية
قررت أن أضع للسكون أجراسا
تحركت بصعوبة
أطرافي لازالت متجمدة
أخذت نفسا وكأني أجر عربة
فالنسمات لا تريد أن تنقاد خوفا أن يصدر منها صوت
إتكأت على مكتبي
قاومت العجز واستجمعت قواي في النهوض
أصدرت صوت تنهيدة سريعة قوية
وكأني تخلصت من ثقل ما كان على ظهري
مددت يدي إلى المصباح في " الأبجورة " التي باتت مغمضة عينها لتحجب عني النور
أحسست لكثرة ما أدرتها أنها قد أصيبت بالعمى
أكثرت الضغط على " زر" التشغيل .. وحركت " السلك " بقوة ..
ولكن
لا فائدة
**
نظرت إلى اتجاه النافذة بعين الانتصار رغم أني لا أراها
ففبها قد يكون الحل الأمثل
اتجهت إليها وأنا أتوخى الحذر في كل خطوة ..
أتحسس بيدي يمنة ويسرة
أمدها أمامي بشكل مهتز وكأني أبحث داخل شيء مظلم عن شيء صغير
**
وصلت إلى الجدار
وأمسكته بكلتا يدي وألصقت جسدي به
مشيت وأنا أحتك به خشية أن أفقد الطريق
انزلقت يدي على شيء أملس
هو زجاج النافذة
توقفت وكأني سأعلن خبرا ما
فتحته بكل ثقة وهدوء
تسربت إلى الداخل ذرات ضوء خائفة
وكأنها تستنجد وتستجير
لا أدري ماذا يحدث
شيء ما أصبح يهمس في أذني بصوت ناعم
من تكون
إنها النسمات التي اعتدت أن أناغيها منذ طفولتي
يا لراحة بالي
لست وحيدا فرفيقة عمري تداعب أطراف شعري
وتعبث بقميصي
وتباري أجفاني وتصارعها
أيتها النسمات
ألن تستكيني وتستريحي من عناء الأسفار والتجوال ؟
ألن تخلدي للنوم يوما ؟
**
أيها المسكين .!
ألن تكف عن هذه التساؤلات ؟
إنني يا صديقي أشعر بالارتياح حين أجري في كل واد
متعتي في السفر والتجوال
ولدي من ذلك رصيد وافر من الحكايا والقصص
اسمح لي أن أسألك أيها العزيز
ما الذي أخرجك في هذه الساعة المتأخرة؟!
ما عهدتك تخرج في مثل هذا الوقت إلا لتطلق زفرات
وتوزع آهات
إنني أراك وأنت تطفئ نيران قلبك بدموع عينك
قل لي
هل عادت تلك الهموم
تلجلج براكينها في صدرك الحزين؟!
**
آآهـ
أيتها النسائم الطيبة
الأمر ليس كما تظنين
ألا ترين أن دموعي لم تخرج لتراك هذه الليلة
إنكما لا تجتمعان إلا مع هموم أمتي
أعرف ذلك جيدا
فلقد شعرت في كلامك بالاستغراب من تغيب دموعي مع أن الهم موجود
ولكني لم أخرج هذه الليلة لذلك
تفقدي أيتها النسمة غرفتي
ألا ترين أن بها شيئا يشبه الضجر
لقد كنت عاكفا على كشف شيء من الحقيقة التي توصلت إليها مؤخرا
ولكن كل شيء من حولي اعترض واحتج
فامتلأ المكان بالاستنكار والغضب
أطفئت الأنوار واهتزت الأوراق وجف القلم
وخيم الوجوم
**
لعلك قلت منكرا من القول وزورا أيها الطيب ؟!
**
أي منكر وزور تتحدثين عنه؟
أمنكر هذه الدنيا وزورها واختلال القوانين التي سنها الله لنا ليعم الخير والنعيم
أم زور هؤلاء الناس الذين حرفوا كل شيء وبدلوه عن مساره
**
لقد أعياك الأرق يا صديقي
ما بالك؟
**
لعل تجوالك وكثرة أسفارك لم تنجح في إنارة الطريق لك يا عزيزتي
**
يجب أن تخبرني عما يدور ببالك قبل بزوغ الفجر
فإنني لا أحتمل حرارة الشمس في هذه الأيام
**
نعم
لعلك تضيفين هذا إلى كنز معلوماتك الثمين
أنصتي أيتها الغالية:
كنت أفكر دائما ما الذي سيجنيه تعبي ونصبي في هذه الدنيا
وما الذي سأناله من اجتهادي للتحصيل فيها
بل وتوقفت كثيرا عند ما أسميه تماشيا مع المجتمع
( المستقبل )
وأمعنت النظر في قوانين هذه الحياة التي تعلمتها
وقوانين الحياة التي تفرضها الحياة
فوجدت أنني لازلت جاهلا بهذه الحياة
وكنت أحسب أنني نلت أرفع الدرجات بل وفي طريقي لأصل للقمة
ولكن هيهات هيهات
كل هذا تفتت على صخرة الحقيقة التي وصلت إليها في هذه الليلة
الحقيقة المرة التي لم تقدر جدران غرفتي ومصابيحها وأخشابها وكل أثاثها على تجرعها
**
لقد اشتقت كثيرا لمعرفتها
**
وأنا أشتاق كثيرا لأن يأتي يوم تكون فيه هذه الحقيقة
جرما يعاقب عليه القانون
**
أرجوك فبوادر اليأس بدت تخالجني
**
لقد تعلمت أن " الحق فوق القوة "
لقد آمنت بأن القوة للحق
وليس الحق للقوة
ولكني حينما أنظر لحال أمتي وأن القوة هي التي تسيطر على أرجائها
مع أن الحق في قلبها
صرخت أمتي بأعلى صوتها أن الحق معي
أتت بالأدلة والبراهين
رفعت ذلك لأعلى محكمة
لكنها لم تجد حقا يقهر القوة
بل وجدت قوة تقهر الحق
وتعلمت أن " الأخلاق أساس النجاح "
ففهمت ذلك وتربيت عليه
ولكني حينما أقلب واقع أمتي
أجد أن الذين لا خلاق لهم
هم في أعلى المراتب والمناصب
والذين يشهد الكل باستقامتهم وطهرهم
تحت
على العتبة
وتعلمت أن " العلم خير من المال "
فالعلم يحرسني وأنا أحرس المال
والحياة تقول أن المال خير من العلم
فالعلم لا ينال إلا بالمال
وأصحاب الأموال الجاهلين تمنحهم الحياة كل ما تمنوا حتى الجاه
والعلماء الفقراء محرومون من كل شيء
هذه قوانين الحياة التي تفرضها الحياة
فهي خداعة
ونحن المخدوعون
**
نظرت إلى النسائم فإذا هي غارقة في التفكير
سرحت وحدقت في نصف القمر الذي صافح الأفق ليغيب
تركتها واجمة
فإحساسي يقول أنها لم تتقبل ما أقول
عدت أدراجي لغرفتي
استقبلت القبلة
قلت " الله أكبر "
فنسيت الدنيا
مـنـقـول