حاتم aled
2009/7/3, 5:42 PM
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله
وعلى آله وصحبه أجمعين
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
ثلاثية التواصل مع النفس
بقلم: د. فهد بن سليمان الأحمد
نسمع ونقرأ التواصل مع الآخرين لكننا ننسى التواصل مع ذواتنا ؛ ذاك أننا لم نعتد الجدولة والمنهجة لنفوسنا ولم نعهد آليات ذاك من المصارحة والمراجعة .وكلمة (تواصل) من حيث التركيب اللغوي توحي بالتفاعل و(التفاعل) له إيحاء جماعي يشعر بالتشارك والتعاون فكيف به إذا كان مع النفس؟
والإسلام يتعاهد الهمة ويغذيها في أتباعه منذ البدايات الأولى في سلَّم الحياة؛حيث يقول - صلى الله عليه وسلم ) :وأحب الأسماء إلى الله عبد الله وعبد الرحمن، وأصدقها حارث وهمام).
وإذا حاولنا أن نوجد قاعدة ثلاثية تجمع شتات التواصل مع النفس فلا تعدو تحديد الهدف ، وعلوَّ الهمة ، والرضا باليسير . ويضع شيخ الإسلام ابن تيمة رحمه الله تعالى قاعدة هامة في هذا فيقول: (العامة تقول : قيمة كل امرئ ما يحسن ، والخاصة تقول : قيمة كل امرئ ما يطلب؛ يعني بذلك علو همته ونبل مقصده .
وكل تواصل مع النفس يجب أن يخضع للتجريب والملاحظة ، ويكون قابلا للتدريب والممارسة ولا شك أن التفاؤل والأمل يمكن تعلمها تماماً مثل الضعف واليأس ؛ إذ يوجد خلف تلك المشاعر قوة يطلق عليها علماء النفس القدرة الذاتية ؛ وتلك تعني إيمان الإنسان بأن لديه قدرة على السيطرة على الأحداث التي تمر بحياته وأنه باستطاعته مواجهة التحديات التي قد تصادفه كما يشير دانيال جوليمان في كتابه الشهير " الذكاء المعنوي.
ومن قبله كانت فلسفة فارس الشعر العربي أبي الطيب المتنبي في تجسيد العلاقة بين الجسد والروح وببيان أهمية أن يكون الجسد على مستوى الروح وتطلعاتها في قوله :
وإذا كانت النفوس كباراً .... تعبت في مرادها الأجساد
وفي معرض معالجة الترقي بالنفس ومحاولة الصعود بها يقول:
ولم أر في عيوب الناس عيباً ... كنقص القادرين على التمام .
ويعالج ابن الجوزي رحمه الله في بسط تام ورصد هام لمراحل التواصل مع النفس ومعالجة لخفايا الإقبال والإدبار والحور والكور فيقول: (وما تقف همة إلا لخساستها ، وإلا فمتى علت الهمة فلا تقنع بالدون ، وقد عُرف بالدليل أن الهمة مولودة مع الآدمي ، وإنما تقتصر بعض الهمم في بعض الأوقات ، فإذا حُثّت سارت ، ومتى رأيت في نفسك عجزاً فسل المنعم ، أو كسلاً فسل الموفّق فلن تنال خيراً إلا بطاعته ، فمن الذي أقبل عليه ولم ير كل مراد ؟ ومن الذي أعرض عنه فمضى بفائدة ؟ أو حظي بغرض من أغراضه ؟ اهـ
واعلم ان الهموم بقدر الهمم ، وتأمَّل في خلق الله ؛ تجد العنكبوت من حين يولد ينسج لنفسه بيتاً ولا يقبل مساعدة أمِّه ، وأن الصقر لا يقع إلا على الحيِّ، وأن الغراب يتبع الجيف.
إنها دعوة لك أن تصعد سلَّم الحياة مبتسماً متفائلاً مقبلاً، وألا تغترَّ بما فاتك منها، وألا تلتفت إلى كبوات الماضي وهفواته، وأن تحاول تجديد الهمِّة بعد خُلُوقِها فالحياة الحقَّة تحتاج إلى همة عالية متجدِّدة ، وإلى تفاؤل عريض ، وأن تسأل نفسك هل يوجد شخص واحدٌ في البسيطة يعترف أنه غير مهم وحينها تتفق معها في الأهمية ثم تجعلها حقيقة تنطلق منها.
أخيرا احذر ” أنا ” وكن كما ”أنت”، واعلم أن كثيرا من الآراء والأفكار قد يتبيَّن لك خطؤها بعد ما كنت تعتقدها في مرتبة الحقائق ، وازرع الفكرة في نفسك بشكل عابر ثم استشعر دائما أنك صاحبها ، وقدِّم عناصر الفكرة واترك الصياغة النهائية لمستقبل الأيام ،وأكِّد على المنافع التي ستتحقق من وراء التنفيذ لا مجرَّد التمني والتسويف، وإياك واحتقار ذاتك وافرح بالإنجاز والتقدم مهما كان، وثق أنه مهما ظننت بنفسك السوء فلا بد من وجود خصلة جميلة تستحق الإعجاب وتكون محورا للانطلاق ومرتكزا له ، وإني على ثقة أن نفسك سوف تفاجئك بأكثر مما تتوقع . .وتأمل -وفقك الله- قول قطري بن الفجاءة :
وما للمرء خير في حياة ........ إذا ما عد من سقط المتاع
د. فهد بن سليمان الأحمد
جامعة القصيم
هذا والله أعلم
نفعني الله وإياكم وعامة المسلمين بالعلم النافع والعمل الصالح
لما يحبه الله ويرضاه
ونسأله أن يهدينا جميعا لصراطه المستقيم ويسعدنا
في ديننا ودنيانا وآخرتنا انه سميع مجيب الدعاء
وصلى الله وسلم اللهم آمين.
وختاما تقبلوا تحياتي وخالص الدعاء. فلا تنسونا من الدعاء
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .
أخوكم ومحبكم
في الله
حاتم aled
{ اللهم بارك لنا في رجب وشعبان وبلغنا اللهم رمضان}
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله
وعلى آله وصحبه أجمعين
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
ثلاثية التواصل مع النفس
بقلم: د. فهد بن سليمان الأحمد
نسمع ونقرأ التواصل مع الآخرين لكننا ننسى التواصل مع ذواتنا ؛ ذاك أننا لم نعتد الجدولة والمنهجة لنفوسنا ولم نعهد آليات ذاك من المصارحة والمراجعة .وكلمة (تواصل) من حيث التركيب اللغوي توحي بالتفاعل و(التفاعل) له إيحاء جماعي يشعر بالتشارك والتعاون فكيف به إذا كان مع النفس؟
والإسلام يتعاهد الهمة ويغذيها في أتباعه منذ البدايات الأولى في سلَّم الحياة؛حيث يقول - صلى الله عليه وسلم ) :وأحب الأسماء إلى الله عبد الله وعبد الرحمن، وأصدقها حارث وهمام).
وإذا حاولنا أن نوجد قاعدة ثلاثية تجمع شتات التواصل مع النفس فلا تعدو تحديد الهدف ، وعلوَّ الهمة ، والرضا باليسير . ويضع شيخ الإسلام ابن تيمة رحمه الله تعالى قاعدة هامة في هذا فيقول: (العامة تقول : قيمة كل امرئ ما يحسن ، والخاصة تقول : قيمة كل امرئ ما يطلب؛ يعني بذلك علو همته ونبل مقصده .
وكل تواصل مع النفس يجب أن يخضع للتجريب والملاحظة ، ويكون قابلا للتدريب والممارسة ولا شك أن التفاؤل والأمل يمكن تعلمها تماماً مثل الضعف واليأس ؛ إذ يوجد خلف تلك المشاعر قوة يطلق عليها علماء النفس القدرة الذاتية ؛ وتلك تعني إيمان الإنسان بأن لديه قدرة على السيطرة على الأحداث التي تمر بحياته وأنه باستطاعته مواجهة التحديات التي قد تصادفه كما يشير دانيال جوليمان في كتابه الشهير " الذكاء المعنوي.
ومن قبله كانت فلسفة فارس الشعر العربي أبي الطيب المتنبي في تجسيد العلاقة بين الجسد والروح وببيان أهمية أن يكون الجسد على مستوى الروح وتطلعاتها في قوله :
وإذا كانت النفوس كباراً .... تعبت في مرادها الأجساد
وفي معرض معالجة الترقي بالنفس ومحاولة الصعود بها يقول:
ولم أر في عيوب الناس عيباً ... كنقص القادرين على التمام .
ويعالج ابن الجوزي رحمه الله في بسط تام ورصد هام لمراحل التواصل مع النفس ومعالجة لخفايا الإقبال والإدبار والحور والكور فيقول: (وما تقف همة إلا لخساستها ، وإلا فمتى علت الهمة فلا تقنع بالدون ، وقد عُرف بالدليل أن الهمة مولودة مع الآدمي ، وإنما تقتصر بعض الهمم في بعض الأوقات ، فإذا حُثّت سارت ، ومتى رأيت في نفسك عجزاً فسل المنعم ، أو كسلاً فسل الموفّق فلن تنال خيراً إلا بطاعته ، فمن الذي أقبل عليه ولم ير كل مراد ؟ ومن الذي أعرض عنه فمضى بفائدة ؟ أو حظي بغرض من أغراضه ؟ اهـ
واعلم ان الهموم بقدر الهمم ، وتأمَّل في خلق الله ؛ تجد العنكبوت من حين يولد ينسج لنفسه بيتاً ولا يقبل مساعدة أمِّه ، وأن الصقر لا يقع إلا على الحيِّ، وأن الغراب يتبع الجيف.
إنها دعوة لك أن تصعد سلَّم الحياة مبتسماً متفائلاً مقبلاً، وألا تغترَّ بما فاتك منها، وألا تلتفت إلى كبوات الماضي وهفواته، وأن تحاول تجديد الهمِّة بعد خُلُوقِها فالحياة الحقَّة تحتاج إلى همة عالية متجدِّدة ، وإلى تفاؤل عريض ، وأن تسأل نفسك هل يوجد شخص واحدٌ في البسيطة يعترف أنه غير مهم وحينها تتفق معها في الأهمية ثم تجعلها حقيقة تنطلق منها.
أخيرا احذر ” أنا ” وكن كما ”أنت”، واعلم أن كثيرا من الآراء والأفكار قد يتبيَّن لك خطؤها بعد ما كنت تعتقدها في مرتبة الحقائق ، وازرع الفكرة في نفسك بشكل عابر ثم استشعر دائما أنك صاحبها ، وقدِّم عناصر الفكرة واترك الصياغة النهائية لمستقبل الأيام ،وأكِّد على المنافع التي ستتحقق من وراء التنفيذ لا مجرَّد التمني والتسويف، وإياك واحتقار ذاتك وافرح بالإنجاز والتقدم مهما كان، وثق أنه مهما ظننت بنفسك السوء فلا بد من وجود خصلة جميلة تستحق الإعجاب وتكون محورا للانطلاق ومرتكزا له ، وإني على ثقة أن نفسك سوف تفاجئك بأكثر مما تتوقع . .وتأمل -وفقك الله- قول قطري بن الفجاءة :
وما للمرء خير في حياة ........ إذا ما عد من سقط المتاع
د. فهد بن سليمان الأحمد
جامعة القصيم
هذا والله أعلم
نفعني الله وإياكم وعامة المسلمين بالعلم النافع والعمل الصالح
لما يحبه الله ويرضاه
ونسأله أن يهدينا جميعا لصراطه المستقيم ويسعدنا
في ديننا ودنيانا وآخرتنا انه سميع مجيب الدعاء
وصلى الله وسلم اللهم آمين.
وختاما تقبلوا تحياتي وخالص الدعاء. فلا تنسونا من الدعاء
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .
أخوكم ومحبكم
في الله
حاتم aled
{ اللهم بارك لنا في رجب وشعبان وبلغنا اللهم رمضان}