المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : التهافت على الهيافة



عمر فيصل
2010/2/2, 3:24 AM
التهافت على الهيافة





ستصل الجزائر أو مصر إلى نهائيات المونديال، وينتهي هذا السباق الرهيب من الكراهية والتعصب بثلاث مباريات لن تجعل أيا من الدولتين في قائمة الدول العظمى، ولن تخرجها من الدول المكتظة بمشاكل التأخر والتقزم وضياع الهوية.




مجرد فائز وخاسر بهدف شرعي أو مسروق أو بهدف ملغ لا يعني أن هذه دولة كبيرة والأخرى متقزمة، وإلا لأصبحت البرازيل أعظم دول العالم قاطبة.




في ظل تنويم مغناطيسي جعلنا من مباراة للتسلية دليلا للقوة والمنعة والتقدم. لعبنا بعقول الشباب وأفهمناهم أن التفوق في دراما رمضان وفي الكرة ينعش حيوية بلداننا وشعوبنا ويخرجها من غرف الانعاش.




في الدول الأعظم منا شأنا في الكرة تنتهي المباراة بعد 90 دقيقة بحب وروح رياضية وتآلف بين الشعوب. أما عندنا في العالم العربي فالمباراة هي مخزون هائل من الكراهية، وكئوس مريرة من الانتقام والتشفي ننهل منها في كل ساعة ونطلب المزيد!




تركيا التي نقول ونحن ممددين على أسرتنا مسترخين في جلسات القهوة أنها لم تتغير في عهد أردوغان، تقدمت بنيتها الصناعية خلال سنوات قليلة بعد توليه الحكم، وتطورت مستوياتها الاجتماعية. انطلقت صادراتها إلى العالم وخصوصا أفريقيا، وتتمسك بهويتها المسلمة إلى آخر مدى، فيما تغزو المسيحية الجزائر وتولد من الرماد على حد تعبير منصر فرنسي اسمه إدوارد كوفالسكي.




الاحصائيات الرسمية الجزائرية أكدت عام 2004 أن عشرة أشخاص قابلين للزيادة ينتقلون يوميا من الاسلام للمسيحية، وأن عشرة آلاف مسيحي جديد خرجوا من البيوت المسلمة في بداية التسعينات..




لا أدري إلى أين وصلت الأرقام حاليا، وأتمنى ألا يحقق المنصرون هدفهم قريبا بتحويل بلد المليون شهيد إلى المليون متنصر!
لن تصبح مصر أو الجزائر بوصول أحدهما لجنوب أفريقيا نمرا آسيويا كماليزيا المتقدمة صناعيا وتقنيا، والواقفة في مقدمة صف العالم الأول.




ماليزيا لا تفقه شيئا في الكرة لكنها تحفظ اسلامها، فتحكم على امرأة بالجلد لشربها الخمر، ولا يخشى زعماؤها ردا على حملة انتقادات غربية من القول إنها دولة مسلمة تطبق قوانينها، وذلك ليس افتئاتا على الأقليات المسيحية والبوذية.




تقوم الدنيا في مصر لأن الشرطة بدأت تعقب المفطرين علنا في في الشوارع والمطاعم في نهار رمضان، ويلتقي التليفزيون الحكومي مع من ينتقد القرار لأن في البلد أقباطا وسائحين، وهو منطق قابل للتطبيق على من يعارض الرذيلة والتعري والخروج على القيم الدينية والتقاليد الاجتماعية!




لن أقول إنها مؤامرة على مصر والجزائر لاستهلاك طاقة شبابهما الكبيرة في اثبات أن الجزائر "أبو الدنيا" بوصولها المتوقع لنهائيات المونديال، أو أن مصر "أم الدنيا" بسحق زامبيا في عقر دارها وتأجيل الحسم لموقعة القاهرة!




لا الجزائر "أبو الدنيا" ولا مصر "أمها".. البلدان تعيستان منهكتان، تنزفان كل ساعة دما ودموعا وفقرا ورذيلة وفسادا وافسادا. لا حاجة لأحد للتآمر عليهما. أهلهما هم المتآمرون على أنفسهم، المستنزفون لطاقة الجيل الجديد بالتهافت على الهيافة.




من توقع أن التنصير يجري علنا وجهارا نهارا في أوساط شعبين اشتهرا بتعلقهما الشديد باسلامهما.. و لا تحرك الدولة ساكنا بدعوى حرية العقيدة!



يتم توظيف أموال خيالية لبناء الكنائس في كلا البلدين، وفي مناطق لا يوجد فيها مسيحي واحد. يحلق الصليب على كنائس شاهقة البناء بطول الطريق الدائري حول القاهرة.. ويبنى رجل الأعمال نجيب ساويرس الذي يتباهى بعلمانيته، كنيسة في مدينة "الرحاب" بأرقام فلكية من أموال تدفعها الغالبية المسلمة لشركاته، ولا يتبرع لشبكات طرق أو مياه أو صرف صحي أو لمحتاجين في أمس الحاجة لهذه الأموال المهدرة في بناء أماكن عبادة لا يتوفر لها مسيحيون يدخلونها!

في المقابل تنتشر الكنائس في منطقة القبائل الجزائرية، وتدخل ملايين من نسخ الانجيل لتوزع على الناس على أنها الخلاص من العنف الاسلامي، مع مئات الشباب المتنصرين باغراءات مالية ضخمة أملا في الخروج الظروف الحياتية السيئة التي وضعتهم فيها حكوماتهم المتتالية.


أصدرت الجزائر قانونا يعاقب بالسجن من سنتين إلى خمس سنوات كل من يدعو مسلم إلى اعتناق دين آخر بعد تفشي جيوش المنصرين في هذه الدولة المسلمة الكبرى التي تأتي ثانية من حيث المساحة بعد السودان أفريقيا وعربيا، والحادي عشر عالميا.




لكن القانون لم ينفذ على الأرض فعليا خوفا من علب حقوق الانسان التي صارت أحد أوكار التنصير في البلدين، آخر انجازاتها تنصر ناشطة حقوقية مصرية تدعى نجلاء، عمدتها الكنيسة المصرية وغيرت اسمها إلى "كاترين" ثم سعت علنا لتعميد أبنائها، وسخرت بكل وقاحة من الاسلام والقرآن في قلب عاصمة المعز!




نسمح لمفسدين مثل رحومة بالافساد في الأرض، ونترك القساوسة يعمدونه دون أي احساس بأمننا القومي، ثم يطير منها إلى أمريكا ليصبح ناشطا مدافعا عن حقوق طائفة جديدة في مصر اسمها "المتنصرون" كأنه لم يكفنا عقدة الذنب المزعومة التي تلعب بها دوليا الأقلية القبطية!



تم تجفيف منابع الجماعات الخيرية الاسلامية في كل من الجزائر ومصر بأجندة حولت كل مال مسلم يتم التبرع به للفقراء ولبناء المساجد والمستوصفات الصحية، إلى مشروع ارهاب!


ولا يطبق الأمر نفسه على الجمعيات المسيحية في معادلة ظالمة وصلت لحد غضب الكنيسة المصرية من المفتي لأنه حرم تبرع المسلمين لبناء الكنائس، ومنحت الادارة الأمريكية حسب تقرير لصحيفة الجارديان البريطانية في 16-3-2006 ملياري دولار للجمعيات المسيحية عام 2005 لممارسة عملها التنصيري بشكل موسع.



جيمس وولسي المدير السابق لوكالة الاستخبارات الأمريكية يقول إن الهدف من ذلك هو إعادة رسم خريطة العالم الإسلامي.


لماذا نخجل من اتخاذ اجراءات تحافظ على أمننا القومي، كأن التنصير العلني وتغيير الهوية المسلمة "أمنا الغولة" التي نخشى الاقتراب منها خوفا من الغضب الأمريكي؟!




أمننا القومي تحول إلى تهافت على هيافة الصراع الكروي بين محاربي الصحراء والفراعنة و"المسخرة" الاعلامية المصاحبة هنا وهناك، والتهديد والوعيد بالانتقام في القاهرة لموقعة البليدة، والمعايرة الصحفية الجزائرية لمنتخب الساجدين بأنه تحول إلى منتخب الفاطرين، والحديث السنوي المتكرر عن الفائز في سباق المسلسلات الرمضانية، هل هي الدراما المصرية أم السورية، مضافا إليها هذا العام "الخليجية" لاستكمال الهيافة العربية من المحيط إلى الخليج!